Image

مداخيل إلى الأدب وخطاباته – بحث في المفاهيم المؤسسة

لقد أصبح الأدب اليوم جزء لا يتجزأ من المجال العام، ومن الخبرة المشتركة لكل المتعلمين، لسبب أكثر بداهة مما نتصور: لا يمكن للمدرسة أن تقوم بأي شيء آخر، دون أن تأخذ بيدنا وتضعنا في طريق الأدبن حتى ولو كانت تقصد غير ذلك، حتى ولو كانت تظن أن أنجع وظائفها هي أن تدخلنا إلى سوق المال والأعمال. ذلك أن المدرسة قبل أن تصل بنا إلى هذه السوق، لابد لها أن تحملنا أولا على تعلم الكتابة والقراءة وفي هذا التفصيل الصغير تندس بذرة الأدب.

متى وكيف أضحى من الممكن أن نجمع تحت اسم واحد عددا من النصوص قد تبدو – ظاهريا على الأقل – مختلفة عن بعضها؟ ولماذا ترسخ الاعتقاد بأن النصوص التي ننعتها بأنها أدبية تنتمي إلى وحدة مشتركة وأنها متصلة ببعضها؟

كان الاهتمام باللغة دائما، موضوعا لمجالات معرفية واسعة منذ الإغريق إلى الآن، مرورا بالإسهام الروماني، وإسهام الكنيسة في العصور الوسطى، وصولا إلى العصر الحديث. وإذا نحن عرجنا على إسهام الحضارة العربية الإسلامية، فإننا سنقف على تراث فذ وغني، انطلق من الاهتمام بالنص القرآني وتفسيره، وامتد إلى المجال الأدبي الواسع. بل إن علوما كثيرة نشأت حول هذا المحور. وإذا قصرنا الحديث على الحضارتين الإغريقية والرومانية والحضارة الغربية الحديثة فإننا سنجد أنماطا من الخطاب تقاسمت على فترات متقاربة أو متباعدة الاهتمام بأوجه استعمال اللغة استعمالا مخصوصا، أو بعبارة أخرى بالنصوص ذات الطبيعة اللغوية المكثفة.

حتى كتاب “فن الشعر” لأرسطو، الذي طالما تمت الإحالة عليه باعتباره كتابا مؤسسا لنظرية الأدب، ليس في الواقع كتابا حول الأدب، بالمعنى الذي نتداوله اليوم. بل هو كتاب في المحاكاة عن طريق اللغة. وبذلك فهو، إذا أردنا التدقيق، ليس كتابا في نظرية الأدب

Share Button

Auteur : عز الدين بونيت

Date de publication : 2015

Langue : العربية

Nombre de Pages :

Editeur : منشورات دار سوس للنشر والتوزيع