
الحاجب المنصور العامري بين الأسطورة والتاريخ
عاشت الدولة العامرية، عمرا قصيرا (366-399)، ورغم ذلك أفرزت شخصية عظيمة تربعت على هرم السلطة السياسية بالأندلس، ونعني بذلك الحاجب المنصور العامري، الداهية والمحنك السياسي الكبير، الذي استطاع أن يفرض نفسه، كزعيم للأندلس طيلة خمسة وعشرين حولا، بعدما كان مجرد كاتب يكتسب قوته ورزقه من كتابة الرسائل في باب قصر الخليفة، الحكم المستنصر! هاته المفارقة العجيبة جعلت المهتمين بالتاريخ الأندلسي بصفة عامة، وبفترة الخلافة على وجه التخصيص، يعجبون به نظرا إلى ما قدمه إلى “الفردوس المفقود” من أمجاد خالدة، ظلت كتب التاريخ زاخرة بأخبارها، وحافلة بأيامها وذكرياتها؛ إذ لازال الدارسون يكنون له كل التقدير والاحترام، اعترافا له بعظمته وعبقريته، قياسا إلى الصورة الناصعة والوجه المشرق اللذين طبعا عهده، إلى درجة أن الأدبيات التاريخية أحاطته بهالة من القداسة والتبجيل، وحشرته في زمرة الشخصيات الأسطورية والعبقريات الفذة والفريدة، وجعلته يقف بمفرده في مقدمة الولاة والأمراء والملوك والخلفاء بالأندلس، معتبرة عهده أزهى مراحل التاريخ الأندلسي، وزهرة شباب العرب هناك!
لكن، هل كانت هذه الصورة البراقة لهذا الحاكم كذلك بالفعل؟ أم أن للمنصور وجها آخر سكتت عنه المتون والمظان التاريخية، وتغاضى عنه المهتمون بالفترة العامرية؟ وبمعنى آخر، هل الطابع التمجيدي الذي أسقط على هذا الشخص هو حقيقة ثابتة، أم أنه أسطورة أو أطروحة مزيفة ذات بعد مغلوط؟
إن هذه الإشكالية: إشكالية البعد الأسطوري والتاريخي للحاجب المنصور، هي التي يحاول هذا الكتاب الإجابة عنها، اعتمادا على جملة من المتون والمظان التي تثبت أو تنفي صحة ما قيل حول محمد بن أبي عامر.
Auteur : عبد الله ستيتو
Date de publication : 2015
Langue : العربية
Nombre de Pages :
Editeur : منشورات سلسلة الزمن بالرباط