Image

السارد شاعرا: قراءة في أعمال أمين صالح

تكتسب البلاغية (أي الأدبية بشكل عام) صفتها الخيميائية بتحولها إلى إقامة للجوهري المستعصي على الكشف والعزل والحصر. كاتب هذه البلاغية، قرين الخيميائي في لبوس طرق الرمز والسحر وامتلاك الرقعة الطلسمية التي تختزل سر العالم في جدول رموز يستعصي على المفسر العادي، ولا يمكن أن يتلقى حقيقته الباطنية سوى قارئ مهووس بتلك اللغة الأولى التي أثثت سديم الكون. في خيمياء البلاغية، لا نقرأ الكون قراءة محايدة. فقراءته تتوقف على قدرتنا على الانخراط في شفراته العلامية وامتلاك المسارب الخفية الواصلة بين أشيائه وكائناته. ويكون علينا أن نتعدى ما يظهر في الأنساق الخطابية للنص من تعدد في البنيات والموضوعات واللغات، إلى البؤر المولدة لما يماثل الإكسير. إكسير تنصهر فيه ميثولوجيا الذات وصورها وخيالها وما اقتطعته من مادة العالم، حيث الجواهر المحتملة لتمثيل الأنظمة العميقة للنص. في نصوص الكاتب البحريني أمين صالح خيمياء شعرية حقيقية، لكنها ملتبسة كأي خيمياء. نصوص تضع القراءة في مأزق وتجبرها على إعادة ترتيب منطلقاتها ورؤاها. إنها خيمياء لا تشتغل على العالم فحسب، بل تشتغل أيضا على الأنظمة النصية للتعبير. لذلك تصبح قراءة نصوصه مدعوة لمباشرة خيمياء العالم وخيمياء النص معا. وإذا كانت خيمياء العالم ترتد للدوال المشكلة لوجود الذات في متخيلي الواقع والرؤيا، فإن خيمياء النص ترتد للدوال المشكلة لخطاب التعبير.

Share Button

Auteur : رشيد يحياوي

Date de publication : 2008

Langue : العربية

Nombre de Pages : 205 صفحة

Editeur : فراديس للنشر والتوزيع - البحرين