
العولمة والاتصال والثقافات الوطنية : أية رهانات ؟
الدرس الافتتاحي الذي ألقاه الأستاذ محمد الادريسي العلمي المشيشي في مطلع السنة الجامعية 1996-1997.
يلاحظ المتأمل لما يجري على الساحة الكونية أن العالم يعيش المراحل الأساسية لتحقيق مظاهر العولمة على جميع الأصعدة، سواء منها السياسية الاقتصادية، أو الاجتماعية والثقافية. ويشتد الانتباه إلى مجهود الدول النامية بل إلى استماتتها من اجل التواجد في هذا التيار الجارف، ومن اجل المحافظة على مقومات هويتها وخاصة منها الجوانب الحضارية والفكرية لما لهذه الأخيرة من وزن وأثر عميق على استمرار الدول وعلى زوالها. في هذا الإطار يسجل الجميع تفاعلا حيويا لوسائط الإعلام والتواصل مع النسيج المعقد لمعطيات الوجود الحضاري والثقافي حيث أصبحت وسائل الإعلام السمعي البصري وأدوات الإعلام المكتوب متجاوزة بوضوح أما ظاهرة عالمية جديدة، خلقت أبجدية علمية حقيقية للكتابة والقراءة والتواصل، ونعني بذلك تقنيات الإعلاميات والمعلومات، والشبكات التي تولدت عنها، واكتسحت كل دول المعمور، وقد زادت قوتها وتضاعفت بالخدمات التي تقدمها القمار الاصطناعية التي تغطي بدورها مجالا واسعا من الفضاء العالمي، ولقد حول هذا الوضع الجديد اغلب المتعلمين بالحرف التقليدية، والمتعودين على قراءة الصحف والمجلات والكتب المطبوعة، والمتمسكين بعادتهم هاته، أو العاجزين عن الاستفادة من الوسائل المذكورة، إلى أميين من نوع آخر. ومن الحقائق المؤلمة الخطيرة أن هؤلاء الأميين مهددون بالخلود إلى التخلف ومتاهاته وعواقبه الاستعبادية الوخيمة، أما الذين اكتسبوا القدرة على الانتفاع بما يسمى بثورة الإعلاميات والمعلومات رغم السرعة الفائقة التي تتطور بها يوميا سواء في كميتها أو نوعها، والتي تتحدى حتى الخيال العلمي.
Auteur : محمد الإدريسي العلمي المشيشي
Date de publication : 1997
Langue : العربية
Nombre de Pages : 16 صفحة
Editeur : كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة ابن زهر- أكادير